الطبيعة البشرية تحتم على الإنسان تكوين العلاقات مع الآخرين، وفشل البعض في ذلك يشعرهم بالوحدة التي قد تدفعهم للبحث عن صديق يملأ ذلك الفراغ ويشاركهم تفاصيل حياتهم، منهم من تٌكلل تجربته بالنجاح ومنهم من تبوء تجربته بالفشل، ورغبتهم الملّحة في العثور على ذلك الصديق قد تسقطهم في فخ الاختيار الخاطئ ،وتضعهم في مأزق كبير الخروج منه سيكلفهم الكثير.
وأنا هنا لا أتحدث عن إبعاد ذلك الشخص عن حياة الفرد بل عن التأثير السلبي الذي سيلحق بذلك الفرد نظراً لرجوعه لحالته الأولى ،وانكساره أمام نفسه نتيجه لاختياره الخاطئ ،ولصعوبة تخطيه فكرة أن كل الآخرين سيئون ،ذلك الخطأ الذي ارتكبه عن غير قصد فيدفع ثمنه الغالي فترة ليست بالقصيرة ،ذلك الخطأ الذي يصعب تدراكه ويصعب تحجيمه.
في البداية لا يشعر الفرد بمقدار الخطأ الذي ارتكبه وخاصة إذا تأخر في اكتشاف ذلك الخطأ لأن حينها يكون ذلك الشخص الذي وقع عليه الاختيار قد أخذ قدرأكبرفي يومه ،وفرصة أكبر في الاستحواذ على مكانة في حياته وشاركه الكثيرمن تفاصيلها، وحين اكتشاف ذلك الخطأ سيكون قد فات الآوان.
من منا لم يخطء في اختيار الشخص الملائم جراء اندفاعه وقلة خبرته
من منا لم تنل منه وحدته فجعلته يهرع لاختيار شخص يملأها على غير استحقاق
من منا لم يدرك خطأه إلا بعد فوات الأوان وعانى في إعادة حياته لشكلها السابق والطبيعي
ذلك الصديق أو الذي كنت تراه صديقاً يغدو أمام عينيك مجرد شخصاً قمت بوضعه في مكانة الصديق لاحتياجك لذلك
ذلك الشخص الذي قد يكون صديقاً مثالياً لغيرك لكنه لا يناسبك أنت
وحتى بعدما أدركت خطأك وأخرجته من حياتك ستعود وحيداً وحينها تتفاقم المشكلة وتعود رغبتك في البحث عن شخص آخر يكون لك صديقاً
أنت الآن تبحث عن شخص يلائمك أكثر ويستحق المكانة التي ستعطيعها له. لقد سقطت في الحفرة مرة فهل ستسقط الثانية أم ستنجو؟
هل سيشكل خوفك في الوقوع في نفس الحفرة حاجزاً أمامك في أخذ خطوة جديدة أم ستعطي فرصة لشخص جديد للدخول في تلك المنطقة التي سبق وشعرت بالألم فيها
ولو سنحت الفرصة ووجدت شخصاً جديداً هل ستضع اختبارات كثيرة لذلك الشخص أم لا ؟
كثير مننا يخطأ قليل مننا يتعلم
كثير من يسقط قليل مننا ينهض
لاتجعل اختيارك الخاطيء يعميك عن الاختيارات الصحيحة التي كانت أمامك طوال الوقت وأنت لم ترها أو استبعدتها
لا يعني تقديرك الخاطئ لشخص أنك شخص غير مؤهل للتقدير بل انت قدرت خطأ مرة حتى تقدر صواب ألف مرة
فقط ضع تلك التجربة نصب عينيك دوماً
وإذا أردت الشخص المناسب لك فعليك اختيار من يشبهك من يشعر بك من يساندك وليس من يملأ عليك وحدتك ويشغل وقت فراغك ويكون صديقك أمام الجميع فقط
وإذا كان العمر يُحسب بأيامه الحلوة فالصديق الحق يطيل عمرك
انظر بداخله وإذا وجدته أقرب لداخلك فالاستمرار سيكون حليفكما
اختر من سيخوض معك معركتك من لا تتجمل أمامه من يريدك كما انت فانت مرآته وهو مرآتك
هو فقط من ستعطيه الحق في فتح كتابك ،فلا تقم بإطلاعه على فصول حياتك مرة واحدة ولا تغلقها في وجهه دفعة واحدة
فإنك عندما تقوم بشراء ملبس لا تفضل رؤية الناس لجمال ما تلبسه على حساب راحتك فيه
إنني لا أقول لا تضع لنظرتهم أهمية في اختيارك ولكني أقول اعطِ لنفسك القدر الأكبر
اختر ما يرضيك و يناسبك ودع نفسك تفعل ما شاءت
وذلك قبل أن تندم وتكون أيامك قد ساءت
يقولون اختر الرفيق قبل الطريق، الطريق الذي يمضي فيه لأجلك وتسعى الوصول لنهايته، والرفيق الذي يحتفي بوصولك لهدفك من قلبه دون النظر إليك بعين الغيرة
وإذا وجدت صديقاً بتلك الشيم تمسك به ولا تكن له صديقاً بل أخاً
وأخيراً إذا وجدت وحدتك أنسب لك من صديق غير جدير بملئها
فكن وحيداً حتى تجد ذلك الصديق الحقيقي والملائم لشغلها .
Comments
Post a Comment