كعادة اي طالب بعد الامتحان يخرج فيراجع مع بعض أصدقائه، لي صديق يرافقني في كل الامتحانات نراجع سويا مرة نفرح ومرات نحزن ولا تسال عن السبب
صديقي له عبارة دائما علي لسانه لا تفارقه وهي للسيدة أم كلثوم والتي ذكرتها في أغنيتها الشهيرة "فات الميعاد"
وعايزنا نرجع زي زمان ....قول للزمان ارجع يا زمان
وفي أحد الليالي أثناء السير في أحد شوارع القاهرة وإذا بصوت يصدر من أحد القهاوي القديمة لتلك الأغنية ومن سخرية القدر صادفنا ذلك الكوبلية الذي يذكرنا بالامتحانات ولم يفكر صديقي للحظة واحدة حتي اكمل الكوبليه بدلا من صوت ام كلثوم فضحكت لذلك ، وسالته عن سر حبه لتلك الأغنية وذلك المقطع علي وجه التحديد، فجاوبني بكل صراحة بأن ذلك المقطع مزيج من الفن والفلسفة معا فالماضي من وجهة نظر السيدة أم كلثوم لا يمكن أن يرجع وأنها بطلبها من محبوبها أن يرجع الماضي قد أغلقت كل الابواب أمامه فلا مجال للحب ولا للود
ما أصعب تلك الفلسفة التشاؤمية حين تطيح بكل الآمال والرغبات ، وبعد فترة قرات كتاب يتحدث عن أينشتاين والنسبية
واكتشفت أن صديقي وان كلثوم ربما كانوا علي خطأ ،حيث أثبت عالم الفيزياء الشهير البرت اينشتاين أن الزمن نسبي وليس شي ثابت وان الكون ليس له ساعة واحدة محددة بل لكل بقعة من الكون ساعة خاصة بها ،فشمس القاهرة تشرق وفي الوقت نفسه تغرب في مكان آخر . وأثبت بالمعادلات أن ذلك ممكن وأنه يمكننا الرجوع الي الماضي ،ويمكن لمحبوب ام كلثوم أن يعيد الزمان ويمكن لصديقي أن يصحح أخطائه التي رافقته في الامتحانات، ولكن يجب علي كل منهما أن يتحرك بسرعة الضوء لكي يرجع إلي الماضي ، قد تظن أن ذلك ضرب من العبث والجنون ، لكن ذلك العالم الشهير أثبت ذلك بمعادلات النسبية العامة
فهل يمكننا في يوم من الأيام أن تعكس عقارب الساعة ؟ هل يمكننا أن نعيد ذكرياتنا الخالدة عدة مرات حتي نمل منها ؟ هل يمكننا أن نعود ونشهد الحرب العالمية الأولى والثانية ونمنع حدوث تلك الحروب الدامية ؟ هل يمكننا أن نرجع ونساعد هتلر علي الحصول علي موافقة للانضمام الي اكاديميه الفنون الجميلة في فيينا ؟ وان نأتي بقاسم امين ونأتي به الي المستقبل ليري كيف أصبحت المرأة ليقف مدهوشا ويصيح لم اقصد ذلك ،لم اقصد ذلك .... وهل يمكننا أن تلغي كل شعر الرثاء والهجر من شعرنا العربي ليعود المحب الي محبوبته متي شاء وهل يمكننا أن نودع النوستالجيا ؟
ما أصعب تحقيق المعدلة ذات الثلاثة أطراف هندسة الماضي =هندسة الحاضر = هندسة المستقبل
ولكن لم تكن فلسفة ام كلثوم تشاؤمية الي ذلك الحد بل كانت واقعية بل كان تلك المعادلة قانون للبوس والتي يمكنها أن تحول الكون الي مكان موحش . أطلق بعض الفلاسفة علي تلك المعادلة والنظرية
Grand father paradox
والتي تنص علي استحالة العودة الماضي ،فافترض اني رجعت بعقارب الساعة الماضي وقتلت جدي وبالتالي فإن والدي لن يكون موجودا وبالتالي انا لن اكون موجودا ، وإذا لم اكن موجودا فكيف رجعت للماضي ؟ يبقي السوال الذي ننتظر له إجابة هل ستنتصر الفيزياء علي الفلسفة في تلك النظرية يوما ما ؟
Comments
Post a Comment