بقلم :- أكرم السيد
لست بصدد أن أسرد لك مسيرة الدكتور طارق شوقي العلمية والإدارية - والتي هي بالتأكيد محل فخر لكاتب هذا المقال - كي أقنعك أننا أمام واحد من أكفأ من تولوا مسئولية التعليم في هذا البلد.. الأمر بسيط ، يوفر الإنترنت لك سيرته الذاتية إن أردت أن تطلع.
ولست بصدد أن أمدح شخصية هذا الرجل منافقا شخصه فليس لي صلة به أو بوزارة التعليم من قريب أو من بعيد ، وبالطبع لا أكتب هذه الكلمات في جريدة أو موقع يتابعه الآلاف أو فضائية يشاهدها الملايين.
نحن هنا -شباب وفتيات- نكتب لأنفسنا في المقام الأول وإن أيدنا فكرة أيدناها لأننا فقط مقتنعون بها.
بالأمس كانت نتيجة الثانوية العامة والتي كانت تجربة بالنسبة لي لا علم فيها ولا حياة ، عشت إحدى عشرة سنة في تعليمي الأساسي منتظرا اللحاق بالسنة الأخيرة كي أحارب وأنتصر وأحقق المستحيل.. نعم المستحيل.. لماذا ؟.. لأنني سوف أجتاز المرحلة الثانوية وألتحق بالمرحلة الجامعية ولله في مجتمعنا الطيب هذا حكم!
إثنتا عشرة سنة هي عدد سنوات التعليم الأساسي ، تذهب لمدرس الإنجليزية فلا يهمه أن يحولك إلى طالب متقنا للإنجليزية مولعا بها ، المهم أنك ستحصل على الدرجة النهائية في مادته التي يدرسها لك ، وتذهب لمدرس العربية فيخطيء في نطق مخارج الكلمات وينكل بعلامات الإعراب تنكيلا ولا يستطيع أن ينطقها بصورة سليمة. هذه تفاهات لا تهم بالنسبة له.
فالمهم كما قلت حصولك على درجة عالية جدا ، لكن هل أتقنت العربية؟ هل تذوقت ما يُشرح لك ؟ هل كان هدفك أصلا أن تتعلم أم أن درجة عالية وصوت زغاريد والدتك وفرحة أبيك وكيد جيرانك وأقاربك هو الغاية المقدسة !
هذا هو حال مدارسنا المهزومة ، وهذا هو حال معلمينا فقراء العلم والثقافة... ههههه ثقافة ؟!.. طبعا مش كلهم كده منعا للفذلكة
وهذا هو حال طالبنا المسكين الذي غذّاه والداه على تحقيق نمرة عالية يجب أن يأتي بها بغض النظر عن أي شيء آخر
أكتب هذه الكلمات ليس لأطرح أسباب تدهور الحياة التعليمية في بلادنا لعقود كان نصيب الأسد فيها فيها للسيد الموظف ، وإن كنت أرى من منطلق مناهضتي للاشتراكية أن مجانية العملية التعليمية لهي السبب الرئيسي في رداءة الخدمة والوصول إلى ما وصلنا إليه، وسأتعرض لذلك في سياقات أخرى قادمة
وبالرغم من كثرة السلبيات التي يعاني منها النظام التعليمي إلا أن منطق "اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش" الذي يُرسَخ في عقول أولياء الأمور ربما يحبط أي محاولات لتحريك مياه راكدة تدفعنا دفعا نحو تقدم منشود.. بالطبع أقدر خوف أولياء الأمور على أولادهم، ولكن ما أريد الإشارة إليه هو الخوف والهلع الزائد عن حدوده؟ هل نظامنا التعليمي في المراكز المتقدمة ؟ بالطبع لا ، هل نخشى أن يتراجع ترتيبنا من المركز الأول إلى المركز الثاني في مؤشرات جودة التعليم ؟ بالطبع لا
إذن تعال أحكي لك قصة
جاء طارق شوقي إلى وزارة التعليم، ووضع برنامجا علميا يراه مناسبا لترميم ما مضى واللحاق والمواكبة بما هو قادم.. إذن دعه يُجرب يا سيدي ، لا أريد أن أشرح لك تأيدي أو رفضي لبرنامج طارق شوقي ، ليس هذا موضوعي. أنت تقول نحن في مراكز متأخرة في التعليم وهذا صواب ، إذن من ماذا تخاف ؟ أكرر دعه يمضي ويُجرب.. نجح الرجل.. تكريما وتخليدا لذكره يجب أن يقام له.. تعثر الرجل -ولا نريد له العثرة- لم نخسر شيئا ما كده ميت وكده ميت
لقد ركبنا قطار أسوان عاقدين العزم أن نتجه إليها ونحن الآن في طريقنا ربما نصل وسنصل بإذن الله ، وربما لا نصل. في عقود السيد الموظف رحمه الله لم نركب القطار أصلا
ما بين شخصية طموحه كطارق شوقي فهكذا أراه ، وبين مجتمع تربى أولياء أموره وطلابه ومعلموه على قدسية الدرجة النهائية التي تكفر سنة ماضية وسنة أخرى مقبلة ، أستطيع القول إن لم ينجح طارق الآن فلن ينجح أحدٌ بعده
Comments
Post a Comment