أكرم السيد
من المنطقي أن من ينادي بقيمةٍ معينة وجبَ عليه أن يكونَ أكثرَ المؤمنين بها والمطبقين لها ، حتى لا يتحول الأمرُ إلى مجردِ شعارٍ أجوف قد استساغَ الفردُ حروفَه فأكثرَ تريدَه
كقيمةِ الحريةِ مثلا ، مادمت من أكثر المنادين بها فيجبُ عليكَ أن تتقبلها في جميعِ أحوالِها. حتى لو أدت إلى انتقادِ الكثير لأيدلوجيتك أو قيمك العليا أو رموزٍ وصلَ إعجابُك بها إلى حدِ تقديسِها
هذا هو الإيمانُ الحقيقيُ بما تنادي وهذه هي الحرية ، لا تعرفُ واسطةً أو مجاملة ، تُطَبَق على الجميع ، أتباعُك قبل خصومِك
كانت العشرُ سنوات الماضية بداية من أحداث الخامس والعشرين من يناير انطلاقة لترديدِ مجموعةٍ من الشعارات ، التي هي في مجملِها مجرد شعارات بلا رؤيةٍ حقيقية تحولُها إلى حقيقةٍ وواقعٍ ملموس(شعارات بلا هدف).
ومن ضمنِ تلك الشعارات تلك التي كانت تنادي بالحرية ، وبغضِ النظر أن الحريةَ لا تأتي بقرار وإلا تحولت إلى فوضى ، فقد سقطَ النظام ، وبطبيعةِ أيِ حدثٍ أن يكونَ لهُ مؤيدوه ومعارضوه ، إلا أن معارضي هذه الأحداث في ذلك الوقت كان يطلق عليهم " فلول " ، " بقايا نظام بائد " ،
" مغيبون " وهذا تأدبًا ، فبالطبع كان هناك أكثر من ذلك ، وصولًا إلى قانونٍ للعزل السياسي.
نعم. المطلوب حريةٌ لنا ولمن هم على شاكلتِنا ، أما أولئك الأوباشُ المعارضون لنا - نحن المنادون بالحرية - فجزاؤُهم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض ، لا أن نتعايشَ معًا كما ننادي!
مطلوب محاربة كل أوجه الفساد لما لها من آثارٍ ضارة ؟
بالطبع
إذن سنحارب كافة أشكال البناء المخالف الذي هو ترسيخٌ لمزيدٍ من العشوائية وغيرها من الأضرار ، وكذا سنحاسب كلَ من تعدى أو خالف
فتجدُ من يخرجُ لك - وربما كان هو أحد المنادين بمحاربة كلِ أشكال الفساد من قبل - لُيحدثَك عن جُرمِ معاقبةِ المخالفين ، وربما لو أطلتَ الحديثَ معهُ لحدثك عن فائدةِ البناءِ المخالف وأثرهُ في رفعةِ الأوطان
إذن المطلوب فسادٌ لنا ولأبنائنا ولذوينا نحن فقط ، أما الباقون فيجب ألا تأخذَنا بهم رأفة في محاربةِ فسادِهم
وبالمثل ، تعلمتُ صغيرًا أن أركانَ الإسلامِ واضحةٌ ، وهي خمسةُ أركان ، إلا أنه خلال الأيام الماضية عَلِمتُ أنه يجبُ عليكَ تقديسُ "إذاعة دينية" - يقودُها بشرٌ مثلُنا وليسوا ملائكة - لكونِها ركنٌ سادسٌ من الأركان!
وعلى الرغم كما قلت أن الإذاعةَ يقودُها بشرٌ يخطئون بالطبعِ ويصيبون ، ربما يختلفُ البعضُ عليهم أو يتفق ، ربما يحبُ البعضُ طريقةَ عرضِهم للموضوعات أو يكره ، وربما لدى البعض رؤية لتطوير المحتوى أو لا
لكن كيف ؟
أتريدُ أن تنتقدَ إذاعةً بشرية ؟ كلا لن نسمحَ لك وسنتقربُ إلى الله بمهاجمتِك وربما سبك ، وسنقولُ لكَ يارب لقد تقربنا إليك بمنعِنا أحدٌ من أن يقولَ رأيَه وأجبارناهُ إجبارًا أن يقولَ كما نقول!
ستقولُ لك مديرةُ المدرسة - قاصرةُ الفهم - أنها تقربت إليك بإجبارِ بنتٍ على أن ترتديَ الحجابَ رغمًا عنها ، على الرغم أنها لو مُنِعَت تلك السيدة من ارتدائِها لحجابِها في مكانٍ ما ستقول أين حريتي ؟
نعم. حريةٌ لهم هم فقط ، مزايا لهم هم فقط ، وعلى العالم أن يفكرَ كما يفكرون ، وأن يخضعَ لمعتقداتِهم وقيمِهم ، وإن خرج عن ذلك يجبُ ألا يناموا حتى يردوا هؤلاء المرتدين البغاة عن إثمِ ما يفعلون
إلى لقاءٍ ربما تكونُ قد عَلِمَت فيه مديرةُ المدرسةِ وإخواننا الثائرون والمنادون بحربٍ على الفساد لا تحرم إلا فسادَهم والإسلاميون في كل مكان أن الدينَ لله والحريةَ للجميع ، وإن كان هذا محال
Comments
Post a Comment