اجمل عنق ‏في ‏العالم- ‏ساندرا ‏علاء

بقلم :- ساندرا علاء

لماذا تدأب الكلمات جميعاً على الطفو في خاطري باللغة الفرنسية؟ انا حتى لا يمكنني ان اتذكر ما معنى عنق ، أو اميرة، أوانتباه ، أو حتى نظائرهم من الكلمات الاخرى التي علي ان انصت اليها الان بإهتمام، بالفرنسية. انا حتى لا احب اللغة الفرنسية ، و لا اكترث لوقعها الذي انسيابه يفتل حبال انتباهي مثلما يفتلها صعود هذا الدرج الابيض و الاسود للطابق الخامس. بل ايضاً لا اظن ان على اي كلمات في اي صورة في الكون ان يصل تلفظها لهذا القدر من الانسيابية، فأي نوع من الظلم هذا الذي يسمح للكلمات ان تراق، و تنسدل، و تتنغم، و تتواشج على السن كل هؤلاء البشر ،ولكن لا يسمح لي ان امركز حدقتاي الا على كل ما يحيل عنهن مجرى الدم؟ بالمناسبة، اظن ايضاً انني ايقنت فكرة تمرس والدتي في تحدث الفرنسية قبل ان ايقن وجود اي من تلك كلمات من الاساس. لكن ما ايقنته مقرباً فقط هو ان على الرغم من كل تمرسها ذلك ، و على الرغم من تقاطر كل من اجمل أو افجع الكلمات الفرنسية من على شفاهها ، انها لا زالت هي الاخرى ترطم جانب رأسها في جميع زوايا البيت حتى تتحقق من قدراتها على السمع ، و الانين عقب هذا السمع ، و النزيف عقب هذا الانين . على زاوية اخرى ملطخة و موازية، اجلس لأقول حمداً لله على انها تستطيع حينذاك ان تصف سيل الدماء المتفرع حول جبهتها بالفرنسية، و حمداً لله انني لا اتقن الفرنسية مثلها. ربما حثني الجلوس في تلك الزاوية علي الانصات لكل ما يجب علي الانصات اليه الان ، وربما يمكنني ان اشعر بتكالب عقارب ساعة الحائط على اعصابي حتى ان كانت اقصى طموحي حالياً ان اشعر فقط بإنسحاب دورتي الدموية عن اطرافي عقب استنفاذ كل كفاءتها في صعود الدرج منذ قليل. ربما كل ما هو مطلوب مني اثباته اليوم يتمثل فقط في صعودي للدرج ، و لعنة الله على الانصات ، و لعنة الله على اي من من ينصتون. كل ما في الامر هو انه لا يوجد شيئ جديد لكي يتم الانصات اليه لأن، لا يوجد شيئ عليه ان يقال ،و لا يوجد اي كلمات من الاساس. جميع الكلمات تم تلقيها ،و تناثرت ،و ترسبت ، و تخللت مجرى نفس الدماء الذي يريد فقط ان يراق رغم انف صاحبه بدفئ و ترنح في صورة ما أو اخرى في نهاية كل يوم. ان كان هنالك شيئ واحد اريد الانصات اليه فسوف يكون صوت الطيف الفرنسي الاسود الذي اتخيله الان ، لأنه لا يتحدث بالكلمات و لكنه يحوم لكي يبخرهم جميعاً من حولي. يمد الطيف أذرعه حولي و يغلق علي ستار الرحم الذي اعده ليلتأمني ، و من ثم يستنبط الطيف ان رغبتي تحولت الان إلى ان يحيط رأسي بتاج اميرة. اميرة كل ما عليها فعله طوال حياتها هو التباهي بقول ان لديها اجمل عنق في العالم باللغة الفرنسية ، و ان ترث لنفسها كل الكلمات التي يحملها الناس على عواتقهم ،و تأمر الكهنة بأن يحرقوا تلك الكلمات في كنائس مملكتها كل يوم عوضاً عن الشموع. و كما على الطيف الالتزام بتحقيق احلامي الساكنة ، علي انا ايضاً الالتزام بالثقة المطلقة به عندما يطلب مني في مقابل تحقيق كل حلم ان اقفز قفزة حرة إلى رحم ذو جدار اسمك و ازخم من الذي قبله ، حتى لا يتمكن احد غيرنا من سماع ذبذباته التي يمكنها تحويل شيئ مثل الزفير المتقطع إلى نهاية احزن اغنية اعرفها ، أو سماع صوت كسر اجمل عنق في العالم بسبب اخر قفزة حرة إلى اخر رحم ، ان وجد.