"صالح رجلٌ طموح يحب التجارة ، فأنشأ سوبر ماركت ، ولأنه طموح كان يهدف لأن يتحول السوبر ماركت إلى مجموعة سلاسل كبيرة.. ولحسن الحظ أن صالح يمتلك معلومة بديهية وهي أنه لكي يضمن استمرارية مشروعه لابد أن يحصل على تكلفة الخدمة التي يقدمها مع حافز ربحي يجعله يطور من مشروعه ويرفع من جودة ما يقدم".. ومن هنا أستطيع الجزم بنجاح صالح في مشروعه
"أما عاطف فهو رجلٌ لا يكاد أن يأخذ شهيقًا وزفيرًا إلا توسطهما تعاطف زائف مع الفقراء.. عاطف أنشأ أيضا سوبر ماركت ، لكنه عاهد نفسه ألا يتربح من مشروعه هذا لأجل الفقراء والمساكين.. عاطف اشترى بكل ما يمتلك من أموال بضاعة امتلأ بها السوبر ماركت.. قُدمت هذه البضاعة للزبائن دون مقابل مادي.. أصبح السوبر ماركت فارغا بعدما تم سحب ما فيه من بضائع دون مقابل.. لم يستطع عاطف أن يطور من عمله ولا أن يأتي ببضاعة جديدة.. أغلق عاطف السوبر ماركت ، وجلس يمارس هوايته المفضلة وهي التعاطف الزائف مع الفقراء".. لا عاطف كسب ولا الفقرا استفادوا.
هذا بالضبط ما يشبه الحالة المصرية منذ أن تحول المجتمع إلى الاشتراكية منذ عقود والتي مازال يعاني آثارها إلى الآن..عاطف هو الحالة المصرية والحالة المصرية هي عاطف
تُنشيء طريقا وتكلفه الكثير.. يتم افتتاح هذا الطريق للجمهور.. لا تتحصل على تكاليف تشغيل هذه الخدمة الممثلة في استخدامك للطريق فتتوقف الصيانة ويتوقف التطوير فيُهمَل الطريق ويُهجَر وكأنك لم تُقِم شيئا أصلا.. طريقٌ محكومٌ عليه بالفشل لأنك فرِحت بأنه مجاني يوم افتتاحه ولم تتسائل كيف سأرفع من كفائته بعد بضع أعوام.. نعم دولة عاش مسؤولها ومواطنوها بمنطق أحييني النهارده وموتني بكره
بالأمس تم تحريك أسعار تذاكر شبكة مترو الأنفاق، وما أريد الإشارة إليه هنا ليس رد الفعل الذي من المتوقع في كل مرة أن يكون مصحوبا بانفعال ورفض للفكرة.. هذه طبيعة بشرية.. لا أحد يريد أن يدفع أكثر ولو كان "إيلون ماسك"
ما أريد توضيحه بعيدا عن الانفعال اللحظي والتفكير المدفوع بالعاطفة والتعاطف الزائف مع الفقراء أنك أمام خيارين فقط.. خيارين فقط لا أكثر
الخيار الأول أنك إذا كنت مغرما بالمجانية مؤمنا بها فمبروكٌ عليكما..تعايشا سويًا.. تعايش مع الخدمة المجانية أو ذات القيمة الرمزية كما تريد لكن لا تشكو سوء جودتها وإهمالها ولا تطالب بتحسينها ،
أما الخيار الثاني أن تقبل بدفع قيمة عادلة لما تحصل عليه من خدمة يضمن لها استمراريتها على نحو يُرضيك
هذه حقيقة يجبُ أن تعيها جيدا.. فمن أوهموك بالمجانية لا يستطيعون أن يَعملوا على "عربة خضار" بصورة مجانية
نعم يا سيدي القاريء.. ربما تعتبر ما أشرت إليه هذا بديهيات، لكنه بالنظر لأغلبيةٍ من مجتمعٍ تربى مَن فيه على قيمٍ اشتراكيةٍ فاشلة ستجدهم يعتبرون المجانية عقيدةً لا يجب المساس بها.. دعهم يلعبوا
فالمجانية والجودة العالية لا يجتمعان.. أكرر المجانية والتقدم لا يجتمعان وغيرُ هذا هراء.. ومن يروج لك بغير ذلك فليقل لنا كيف سيديرُ عربةً لبيع التين الشوكي
-وليس دولة- بصورةٍ مجانية تضمن استمرارية عمل العربة؟!
وأولى لك قبل أن تطرح سؤالك الجوهري -طب والفقير يعمل ايه ؟! - أن تجلس مع صديقك الفقير وتحدثه أنه إن لم يستطع أن يعول نفسه فلا يتزوج وإن كان متزوجا فلا ينجب وإن كان منجبًا فلا يضاعف ما أنجب ويتقاسم معهم الفقر.. اجلسْ مع صديقِكَ الفقير وحدثه كيف يطورُ مِن نفسه ليخرج من عباءة الفقر بدلاً من أن تجلسا معًا كلاطمات الخدود تشكون ضيقًا وفقرًا
Comments
Post a Comment